الجمعة، ٢٤ ربيع الآخر ١٤٢٨ هـ

شوية أرقام زيادة ... إمسك أعصابك

أستميحك ـ عزيزي القارئ ـ عذراً في ذكر بعض هذه الأرقام المؤلمة لتتبين حال خير أمة أخرجت للناس. أمة تملك أكثر الثروات الطبيعية وأهم المواقع الجغرافية على هذه الكرة الأرضية، لكنها تعيش على هامش الحياة لا تأثير لها في صنع التاريخ على الأرض... وهي المستخلفة عليها. ولكي لا أتهم بالافتراء فقد ذكرت مصادر هذه الأرقام وإليك نماذج منها: الاقتصاد: عائدات دول منظمة الأوبك مجتمعة في عام 98م أقل من 3% من الناتج المحلي الأمريكي (مجلة المجلة، العدد 1033). 20% من أبناء الدول المتقدمة يستهلكون 86% من ثروة العالم، و225 فرداً من أبناء العالم المتقدم يملكون ما يساوي ملكية نصف البشرية. و3 أفراد من أمريكا يملكون ما تملكه 48 دولة أعضاء في الأمم المتحدة (جريدة الشرق الأوسط، العدد 7650). اشترت شركة مياكوم «شركة سي بي إس» بمبلغ 36 مليار دولار أي ما يفوق ميزانية أكبر دولة منتجة للبترول في العالم (جريدة الشرق الأوسط، 99/9/10). مع أن العرب يمثلون خمسين ضعف سكان إسرائيل ويعيشون على رقعة تعادل ستمائة ضعف مساحة إسرائيل (مجلة المجلة، العدد 1014) فإنه: - يفوق الناتج المحلي للفرد الإسرائيلي نظيره في البلدان العربية ويزداد هذا التفوق باطراد.. ففي عام 78م كان ثلاثة أمثال، وفي عام 97م أصبح سبعة أمثال (المصدر السابق). - تمثل إسرائيل 2% من سكان منطقة الشرق الأوسط إلا أن حصة صادراتها في عام 95م بلغت 18% من مجمل صادرات المنطقة (المصدر السابق). - صادرات إسرائيل من المنتجات الإلكترونية بلغت بليون دولار عام 86م ووصلت في 97م إلى ستة بلايين دولار، لا نصيب للبلاد العربية في هذه السوق (المصدر الأول). أوضح تقرير للتنمية البشرية في العالم 99م صادر عن الأمم المتحدة أن الفجوة تتسع بين أغنياء العالم وفقرائه بحيث أن ثمن كمبيوتر يعادل دخل مواطن بنجلاديشي لمدة ثماني سنوات، وهو ما يعادل دخل مواطن أمريكي لشهر واحد (جريدة الشرق الأوسط 99/7/25م). تعمقت الفجوة بين فقراء العالم وأغنيائه حيث ارتفعت إلى نسبة 74% عام 97م مقابل 30% في عام 1960م (جريدة الشرق الأوسط، عدد 7532). بالرغم من صغر مساحة إسرائيل وقلة سكانها فقد بلغت موازنتها للعام الماضي 57 مليار دولار أي ما يقرب من ضعف موازنة دولة بترولية كالسعودية. العلم والثقافة: أعلنت منظمة اليونسكو أن متوسط القراءة في العالم العربي 6 دقائق في السنة للفرد، وأنه يصدر كتاب لكل ربع مليون مواطن عربي سنوياً، بينما يصدر كتاب لكل 15 ألف مواطن في العالم المتقدم (مجلة المعرفة العدد 49). تبين أن مجموع ما تستهلكه كل الدول العربية سنوياً من ورق الطباعة أقل من استهلاك دار نشر فرنسية واحدة (المصدر السابق). الأمية في العالم العربي 45% ولا تزيد في إسرائيل على 5% (مجلة المجلة 1014). ما ينفق على الفرد في التعليم في العالم العربي سنوياً 340 دولاراً (1300 في الخليج و200 في باقي الدول) بينما نصيبه في إسرائيل 2500 دولار و6500 دولار من البلدان الصناعية (المصدر السابق). تنفق البلاد العربية على البحوث 0.2% من الناتج المحلي (أي سبع المتوسط العالمي الذي يفترض أن يكون 1.4%) بينما يتجاوز في إسرائيل المتوسط العالمي فيصل إلى 2% أي عشرة أمثال ما ينفق في البلاد العربية (مجلة المجلة، العدد 1014). استطاعت إسرائيل استقطاب 700 ألف مهاجر من الاتحاد السوفيتي منهم 70 ألف مهندس و20 ألف طبيب وممرض وفني و40 ألف من المدرسين.. فكم فقد العالم العربي من العقول المهاجرة خلال هذه الفترة لصعوبة الحياة في البلاد العربية (المصدر السابق). بلغت وصلات الإنترنت في الشرق الأوسط مطلع عام 98م ما يزيد على نصف مليون وصلة نصفها في إسرائيل (المصدر السابق). تتجاوز إسرائيل العالم العربي بسبعين ضعفاً في مجال نشر الإنتاج العلمي (المصدر السابق). سجل الإسرائيليون عام 98م لدى مكتب العلامات التجارية الأمريكي 577 براءة اختراع بينما سجل العرب 24 براءة فقط (المصدر السابق). إجمالاً فإن إسرائيل تتفوق على العرب بمعدل عشرة أضعاف في عدد الأفراد العلميين وأكثر من ثلاثين ضعفاً في الإنفاق على البحث والتطوير، وأكثر من خمسين ضعفاً في وصلات الإنترنت، وأكثر من سبعين ضعفاً في النشر العلمي. وقرابة ألف مرة في براءات الاختراع (المصدر السابق). بلغ عدد المتعلمين في العالم العربي 51% بينما في العالم المتقدم 99%، وبلغ عدد الباحثين في أمريكا 400000 باحث وفي أوروبا 150000 باحث، وفي العالم العربي 8100 باحث (مجلة البيان، العدد 140). تتحكم الدول الصناعية في حوالي 97% من براءات الاختراع في العالم (جريدة الشرق الأوسط، عدد 7532). بلغت نسبة المواقع على شبكة الإنترنت باللغة الإنجليزية 80% بالرغم من أن 10% من سكان العالم فقط يتحدثون الإنجليزية (المصدر السابق). في الأمور العامة: يؤخذ في كل فرد في القوات الأمريكية عينة دم تحفظ للرجوع إليها للتعرف على الجندي في حالة فقده بطريقة يتعذر التعرف عليه من خلالها، وذلك بتحليل الحامض النووي. وقد بلغت العينات المحفوظة 2.75 مليون عينة (National Geographic Magazine Oct-99). ما أغلى الإنسان لديهم!. أوضحت دراسة ميدانية في الكويت على 2000 طالب وطالبة من المدارس الثانوية أن 7.2% من الطلاب و1.3 من الطالبات يتعاطون الحشيش، يلي ذلك حبوب الهلوسة ثم الهيروين (مجلة المعرفة، العدد 49). تشير الإحصاءات الرسمية في المملكة العربية السعودية إلى أنه ينتج عن حوادث السيارات قتيل كل ساعة، وأربعة جرحى أي 8640 قتيلاً و34560 جريحاً معظمهم من شباب المستقبل، وتتجاوز الخسائر جراء ذلك 21.7 مليار ريال سعودي سنوياً أي أكثر من ميزانية الصحة والتعليم (الشرق الأوسط، العدد 7689) وهكذا يفوق جميع المعدلات العالمية. أوضحت إحدى الدراسات أن ما يتساقط من غبار على مدينة الرياض 714 طناً من الغبار، وهذا يفوق ما حددته مصلحة الأرصاد الجوية وهو 108 أطنان للكيلومتر المربع سنوياً. أما الغبار العالق فيزيد على 11 مرة مما حددته المصلحة (جريدة الشرق الأوسط 99/8/8م). تحصل الدول المتقدمة على 78% من الإنتاج العالمي للغذاء مع أنها لا تشكل سوى خمسة عشر في المئة من سكان العالم (البيان، العدد 141). بلغ عدد أشجار القات المزروعة في اليمن مائتي مليون شجرة قات تحتل 49% من الأرض الزراعية وتستهلك 55% من المياه الجوفية (المصدر السابق). دمرت إسرائيل 1200 مسجد خلال 51 عاماً (المصدر السابق). تكرم أحد «المحسنين» من الشخصيات الهامة في إحدى الدول الخليجية بالتبرع بأرض لإقامة كنيسة عليها في بلاده... وقد توجه وفد برئاسة بطريرك القدس لتقديم الشكر على هذه المكرمة. ومما يذكر أن هذه الدولة قبل الإسلام كانت تحت سيطرة الإمبراطورية الفارسية المجوسية مما قد يعني أن تكون هذه أول مرة تقام فيها كنيسة مسيحية في هذه البلاد! (جريدة الشرق الأوسط، العدد 7649). يقدر عدد الحجاج إلى بيت الله الحرام مليون ونصف إلى مليونين حاج كل سنة. ويقدر عدد السياح في فرنسا 70 مليون سائح سنوياً وفي أسبانيا 60 مليون سنوياً، أي ما يقرب من مليون ونصف سائح كل أسبوع في فرنسا على مدار السنة، ولم نسمع باحتراق خيامهم أو ازدحام الشوارع بهم. داهمت الشرطة الإسرائيلية منزل "نتنياهو" رئيس وزراء إسرائيل السابق بناء على معلومة صحفية بأنه تلقى هدية خلال عمله، وقامت الشرطة بتفتيش منزله والتحقيق معه ومع زوجته. لكنه على الجانب الآخر لم يتسع صدر السلطة الفلسطينية لبيان صدر عن عشرين شخصية فلسطينية بعضهم أعضاء في المجلس التشريعي، اتهموا فيه بعض أعضاء السلطة بالفساد، فقامت باعتقالهم بدلاً من التحقيق في ادعائهم!
هل مازلت تعتقد أن لك الحق في تنفس جزء من هواء العالم؟ لا شك أنك تمزح !

ما هي الأسباب



بسم الله الرحمن الرحيم
إذا ما هي الأسباب التي تخص"نا"
إننا لو عرفناها ربما استطعنا تلافيها و بالتالي حل جزء مهم من المشكلة ، و كما يقال: التشخيص نصف العلاج، وفي بعض الأحيان يكون أهم من ذلك بكثير
و هناك في نظري سببين رئيسيين ، و يمكن أن تكون باقي الأسباب ‘ما تفرعات منهما أو نتائج لهما
:


الجهل
إضاعة الوقت



و بالتأكيد فإن لـ"هم" أثر هام في وجود هذه الأسباب و لكننا نستطيع - إذا أردنا- أن نغير الكثير في واقعنا ، و
إرادتـ"هم" و مخططاتـ"هم" و برامج"هم" ليست قدرا محتوما ينبغي أن نستسلم له، خاصة إذا عرفنا حقيقة هذه المخططات و البرامج ، و الهدف منها، و ما أدراك ما الهدف منها، إنه مرعب حقا ، ومن "هم"؟؟..... لا تستعجلوا سنتكلم عنها قريبا.
ربما يقول البعض: لماذا لم يذكر ضعف الإيمان و البعد عن الدين و غير ذلك، و أرد: لقد ابتعدت السماء عن الأرض كثيرا، و نحن لم نر أي من الرسل و لا أمل أن نرى المزيد منهم، و الإسلام الموروث لم ينفعنا، لذا لا وسيلة لنا لتكوين إيمان حقيقي و إسلام حقيقي إلا العلم (الذي هو ضد الجهل).
ولتسامحني أخي الكريم ؛ متصفح هذه المدونة ، فلربما أطنبت في الحديث عن هذين السببين أو العاملين لأني أراهما رأس البلاء ، و ربما عدت إليهما بالحديث مرارا و تكرارا.

لا يخفى على إي عاقل منصف أن النظام التعليمي الرسمي العربي ساقط، راسب بامتياز، و لكننا سنترك الحديث عن ذلك حتى نبدأ بتناول الجانب الذي يخص "هم" ... لا تنسوا.
و دعونا الآن نتحدث عما يخصنا.
إن أي راصد لواقعنا العربي لا يمكنه إنكار هول التردي الذي وصلنا إليه، و حجم التحديات المفروضة علينا إذا أردنا النهوض من سباتنا الطويل. و للتدليل على حجم هذا التردي أسمحوا لي بنشر بعض الإحصائيات.
في إحصائية صدرت عن منظمة اليونيسكو سنة 1996 يتضح حجم الهوة الشاسعة التي تفصل بين الوطن العربي (250 مليون نسمة، و 6759 إصدار في السنة)، و بين بلاد ليست متقدمة كثيرا مثل أسبانيا (39 مليون نسمة و 41816 إصدارا) و إسرائيل (4.5 نسمة و 4708 إصدارات) . و من الواضح أن العلة تعود ليس فقط للأمية الأبجدية، و إنما أيضا للأمية الثقافية، و العزوف عن القراءة. رغم أن أول أمر أمرنا به رب العزة لم يكن الصلاة أو الصوم أو الصدقة ، بل القراءة.
و تتضح صورة المأساة أكثر إذا علمنا أن معظم الكتب المؤلفة و المترجمة هي في مجالات الأدب و السياسة و التاريخ و ما شابه، أما العلوم و التكنولوجيا فهي مؤجلة إلى أجل غير مسمى.
كما أن إجمالي الكتب المترجمة منذ عهد أمير المؤمنين "المأمون بن هارون الرشيد" - و هو أكثر الأمراء العرب اهتماما بالترجمة – و حتى يومنا هذا هو حوالي عشرة آلاف كتاب، أي ما تترجمه إسرائيل كل 25 سنة، و ما تترجمه البرازيل كل أربع سنوات و ما تترجمه أسبانيا كل سنة، (هذا في التسعينات و العدد عندهم في تزايد مستمر مع تقدم العلم التقنيات المساعدة على الترجمة).
و بالنسبة لكتب الأطفال فالصورة أشد قتامة، فما يطبع من كتب الأطفال (غير المدرسية) في العالم العربي يقل عن عشر العدد الذي يطبع لهم في بلجيكيا رغم أن تعدادها لا يزيد عن 8% من سكان العالم العربي (الأرقام من مجلة العربي - عدد 509 أبريل 2001) .

أما عن متوسط وقت القراءة لدى الفرد العربي هو ................. دقيقتان في السنة (ياللهول) مقابل 200 ساعة في السنة للفرد الغربي.
http://thawra.alwehda.gov.sy/_print_veiw.asp?FileName=44175541420070227092124

بعد هذا كله أما زلت ترغب في الاحتجاج، و تعتقد أنه يجب أن يكون لنا مكان على الكرة الأرضية ... أنت تمزح بكل تأكيد.
و للحديث بقية إن شاء الله.

الأربعاء، ٢٢ ربيع الآخر ١٤٢٨ هـ

مشاكل.. مشاكل.. مشاكل

مشاكل من كل نوع ، تجتاحنا من كل حدب و صوب
الفقر أو الحاجة، و في أحسن الأحوال عدم تناسب الطموحات مع الإمكانيات.. مما يسبب الإحباطات
الفساد – الإداري و المالي و................ الأخلاقي و هو الأدهى و الأمر.
أولادنا يتعاطون المخدرات و المسكرات و المهلوسات.. و بعضهم يتجر بها.
و بناتنا يبعن أنفسهن بأبخس الأثمان ... و بعضهن يرتدين ثيابا أنيقة و يمتهن التسول .. هذا أشرف طبعا و لكنه مخز.
الصحة بالهووووووووووووووون، و إذا دخلت إلى مستشفى أو عيادة خلت أن الشعب كله مريض، و من لديه سعة من المال يذهب للعلاج بالخارج ، فقد فقدنا الثقة في أطبائنا و مساعدوهم و من له علاقة بهم.
القضاء .. وا عاراه.. وا حشمتاه. أكثر من 80% من القضاة مرتشين و متحيزين و وساطيين ، و من بقي منهم شريفا فلا تدفع إليه إلا القضايا التافهة ، مهما بلغت كفاءته أو خبرته أو درجته العلمية ، و هم يعيشون على الكفاف.
الأسرة مضطربة ، يعني نكد في نكد، الزوجة و الأبناء يطلبون و يطلبون، و الأب ؛ إما أن يمد يده إلى الحرام أو يعيش عمره في النكد. هكذا هي.
أما عن التعليم فتلك الطامة الكبرى ، و مهلكة المهالك ، و إذا ذكرناه فلنندب على الرؤوس و نخمش الوجوه و نشق الجيوب.
ناهيك عن البنية التحتية المتآكلة ، و القمامة و القاذورات التي (تزين مدننا) و السيارات التي من عهد موسوليني ، و لازالت تجوب الشوارع نافثة ما تيسر من الغازات السامة.
و كل موضوع من المواضيع السالفة يمكن الكلام فيه لساعات، و ملئ المجلدات، و لكن لن يعدو ذلك أن يكون من باب "لعن الظلام" فالكل يعرف المشاكل ، بل و أغلبنا يشارك في تفاقمها، و معظم المدونين العرب لا يعدو كونهم يصفون هذه المشاكل و يشتكون منها كل بأسلوبه و على طريقته، هذا أفضل من السكوت طبعا ، و أفضل بكثير من الزعم بأننا نعيش في جنة و عالم طوباوي. و لكن السؤال المهم هو: ما الحل؟
في المرة القادمة سأحاول أن أدردش في الأسباب التي تخص"نا" ثم أنتقل إلى الأسباب التي تخص "هم" فلربما وصلنا إلى حلول عملية و معقولة.
و نراكم قريبا

الثلاثاء، ٢١ ربيع الآخر ١٤٢٨ هـ

هم و نا


بسم الله الرحمن الرحيم و به نستعين

لقد شدني عالم التدوين منذ فترة ليست بالقصيرة ، و كنت ( و لازلت ) أطلع على العديد من المدونات، العربية و الأجنبية، و يبدو أن الأجانب قد سبقونا في عالم التدوين (كما سبقونا في المجالات الأخرى) أو أنهم تعودوا على الكتابة منذ نعومة أظافرهم، و لكن المدونات العربية لا بأس بها حيث أنها لا تخلو من الطرافة ، و القليل من الفائدة.
و لكن مأخذي الأهم على المدونات العربية أنه يغلب عليها طابع التشاؤم و السلبية (الكل يلعن الظلام و لا أحد يوقد شمعة) ، و لا أدري لماذا ! ربما أن ذلك من صميم تكويننا أو ثقافتنا العربية التي توارثناها ، ربما منذ الغزو المغولي؛ أسهل طريقة لحل المشكلة هي أن نلقي اللوم على الآخر ، أي آخر ، لا يهم، المهم أن أشعر نفسي و لو بقليل من الرضا ، حيث أني لست سبب المشكلة، و لكن من الجيد أن نعترف على الأقل بأن هناك مشكلة ، أو مشاكل، و مشاكل لا منتهية، فربما أدى بنا ذلك ، في يوم من الأيام ، إلى البحث عن حلول لهذه المشاكل، ليس لوم الآخر بالطبع ، فهذا الحل سهل و معروف و لذيذ، و هو في متناول الجميع.
و الآخر عندنا يأخذ صورا عديدة متنوعة فقد يكون مديري في العمل، أو زوجتي، أو جار السوء أو رفاق السوء أو الحكومة أو الحاكم، أو الاستعمار أو "هم".
هم الذين يجب أن يفعلوا، و هم الذين لم يوفروا ، و هم الذين خربوا ، و لولا أن "هم" فعلوا كذا لكنت أنا فعلت كذا و كذا .
لا تخافوا ، أنا معكم أن "هم" لهم دور في المشكلة ، و لكن لنكن صريحين (بيننا و بين أنفسنا على الأقل) أن " نا" أيضا لنا دور ، و أنا أجزم أنه الدور الأكبر في المشكلة.
و فوق هذا كله لا يجب أن ننسى أن "هم" جزء من" نا " يعني من طينتنا، من طبيعتنا، من ثقافتنا، و بكلمات أخرى (جارحة قليلا) لو كن " نا" بدل "هم" لفعلنا مثل"هم". و ربما أسوء من "هم".
في الحقيقة لقد فكرت كثيرا قبل أن أبدا الكتابة ، و لم أعرف من أين أبدأ ، فكلما حاولت ؛ وجدت الأفكار تتزاحم في رأسي و الكلمات تتزاحم بين أناملي إلى درجة أوقفتني عن الكتابة مرات عديدة ، و لكني قررت أن أبدأ كيفما اتفق، و سأورد الأفكار تباعا ، و غالبا لن تكون بترتيب مسبق، و لكن أفضل لها أن تخرج بدل أن تبقى هناك في رأسي تؤرقني و لا يراها أحد غيري.

عندما أجلس على الصخرة الصلدة قرب كوخي على قمة الجبل و أنظر إلى السفوح و السهول الشاسعة والوديان الممتدة و تشرق شمس الصباح في وجهي أشعر بنفحات نورانية تمنحني نشوة و جذلا لا يوصفان، و أحس بأني أنظر إلى الأمور بعين بصيرتي نظرة واسعة شاملة ، تماما كما أنظر بعين بصري،و أشعر بالدهشة تتملكني، و أتمنى لو أن الكثيرين يشاركونني هذا الشعور الجميل.
و لكن عندما أعود إلى صخرتي وقت الغروب أجدني مثقلا بهموم لا حصر لها، هذا يوم آخر قد مضى و انتهى و نقص من عمري و لا يمكنني استرجاعه أبدا، ترى ماذا حققت فيه؟ هل زادت فيه آلام البشرية أم نقصت، هل قويت فيه شوكة الحق و الخير، أم الباطل و الشر، دفق المعلومات الذي يأتيني خلال النهار -عن طريق أعواني السبعة - مرعب و مخيف، و لا يكاد العقل البشري يستوعب بعضه ، فإن فعل فهو يفضل ألا يصدق، فإن صدق فهو يحاول أن ينسى أو يتناسى، و لكن لا محيص....
أراكم قريبا إن شاء الله و كتب لي يوما آخر أو أياما أخرى في هذه الحياة