الاثنين، ٥ ربيع الآخر ١٤٣٣ هـ

نينوس – مينوس – أمون – أمـِن – آمين

لعل من المفارقات الغريبة التي قد يلاحظها الباحث، أو حتى الإنسان العادي؛ هي أن معظم الألفاظ بما فيها الأسماء في الكتب و الديانات السماوية تعرضت للترجمة و صارت تقرأ عند كل شعب بلغته الأصلية (التي تمت الترجمة إليها)، و معظم الألفاظ و الأسماء تعرضت لتحريف شديد في النطق و الكتابة ، فكلمة عيسى مثلا؛ أصبحت بالإنجليزية ""Jesus (تنطق دجيسس) و المسيح ترجمت لتصبح ""Christ، و حتى لفظ الجلالة "الله" ترجم ليصبح "God" و هكذا.

إلا أن هناك لفظة واحدة بقيت كما هي في جميع اللغات، هذه اللفظة الغريبة العجيبة هي "آمين"

هذه الكلمة تقال (جهرا) كلما قرأت سورة الفاتحة، حتى في الصلاة المفروضة، رغم أنها غير موجودة في المصحف على الإطلاق.

و هي تقال، و تردد عقب كل دعاء، و في معظم لغات حوض البحر المتوسط، و بنفس اللفظ و النطق تماما.

و هذا ما يدعو إلى الاستغراب و الدهشة!

تبدأ القصة بأسطورة لطيفة.. (أعتقد أن لكل أسطورة أساس من الواقع)

الأسطورة تقول: أن أحد الرعاة في مملكة آشور القديمة كان يسرح بأغنامه في أحد المروج قرب مدنة بابل ثم يأتي منهكا جائعا ليتناول طعامه الذي كان يتركه في ظل بعض الأشجار، لكنه لاحظ أن طعامه كان ينقص بشكل ملحوظ عما أحضره معه. و ذات يوم قرر أن يراقب الطعام و هو مختبئ في مكان قريب، فلاحظ أن سربا من الحمام كان يقتطع من ذلك الطعام قطعا صغيرة و يطير بها ليحط في مكان غير بعيد. و عندما تبع الراعي الحمام إلى ذلك المكان وجد به طفلة صغيرة رائعة الجمال. فرح الراعي بالطفلة و سماها "سميراميس" أي محبوبة الحمام، (لا أظن أن شخصا بالغا في كل العالم المتحضر لم يسمع بالاسم "سميراميس") و بعد تفكير رأى أن يبيعها في سوق العبيد في المدينة، ليستفيد من ثمنها، فهو لا يملك أن يربيها على أية حال. في السوق حدث أن سائس الملك كان يبحث عن طفل ليتبناه لأنه كان عقيما لا ينجب، فلما رأى الطفلة أعجب بجمالها فاشتراها و رجع إلى بيته فرحا مبتهجا.

ترعرعت الطفلة في بيت السائس، و لم يكن بد من أن تتعلم ركوب الخيل فمهرت في ذلك أي مهارة، و ذات يوم رآها أحد قادة جيش الملك تمتطي صهوة جوادها و قد شبت عن الطوق، فهاله ما رأى من جمالها و فروسيتها النادرة المثال، فتقدم لخطبتها و تم زواجه منها.

بعد مدة قصيرة دقت طبول الحرب و استدعي قادة الجيش لمهاجمة الجارة العدوّة "بكتيريا" (الاسم غريب أليس كذلك؟).

انطلق القائد العريس الشاب إلى الحرب مصطحبا عروسه، و كان من سوء حظه أن العروس الشابة الفارسة شاركت في الحرب فأبلت فيها بلاء حسنا، و أظهرت من الدهاء العسكري ما فاق القادة الرجال مجتمعين، فراقت في عين الملك الجبار المستبد الذي انتزعها من زوجها الشاب و دفع به إلى الانتحار.

كان إسم الملك "مين" و الذي حرف في اللغة اللاتينية إلى مينس أو مينوس [كما حرف اسم عيسى إلى Jesus، علما بأن حرف J ينطق (ي) في اللغة اللاتينية و يقرأ (يُط) و حرف S يضاف للاحترام و التعظيم و بالتالي يكون النطق الأصلي لاسم المسيح هو (إيسو) بالواو المفخمة ، و هو الأقرب إلى النطق العربي أو العبري]. و هو بيت القصيد.

و مين أو مينس أو مينوس أو نينوس هو نفس الشخص ، و ما حدث هو عبارة عن تغير في نطق الإسم حسب اللغة أو اللهجة ، و هو ذاته "النمرود"  Nimrud أو Nimrod المذكور في التوراة "נמרוד" و كلمة نمرود صفة و ليست اسم، و تعني المتمرد أو الخارج عن الطاعة (يضاف حرف النون נ في اللغة العبرية للمبالغة – يعني قمة التمرد لأن أصل الكلمة هو مرد מרוד ، و منها جاءت كلمة مارد العربية التي تعني الجن الكافر الشديد)، و من المعروف أن النمرود دعا إلى عبادة الشمس من دون الله تعالى، و قد سمي لاحقا بإله الشمس، و في هذه المرحلة كان يرمز له بالأسد للدلالة على القوة أو بالسمكة لأنه كان يلجأ إلى الماء كلما دعت الحاجة إلى الهروب أو الاختباء.

الملك مينوس الكريتي

مينوس Minos حسب الأساطير اليونانية القديمة هو ملك كريت و هو ابن زيوس كبير الآلهة عند الإغريق، و تقول الأسطورة أن زوجة هذا الملك أقامت علاقة مع ثور فأنجبت منه مسخا بين الثور و الإنسان يسمى المينوتور The Minotaur (قد نناقش هذه الفكرة لاحقا) و الغريب أن هذا الملك أيضا يرمز له بالسمكة و يرسم بجسم أخطبوط و رأس آدمي، و تقول الأسطورة أيضا أنه مات و أصبح حاكما للجحيم!

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%8A%D9%86%D9%88%D8%B3

http://en.wikipedia.org/wiki/Minos

لربما استنتجنا مما سبق أن الشعوب القديمة كانت – و ببساطة – تؤله الملوك و الأبطال و خاصة من تعتقد أنه يملك قوى غير عادية (حال صاحبنا) ، بل ربما ألهت الأنبياء أيضا كما في حالة المسيح عليه السلام.

ظهور آخر لهذا الشخص الغريب كان في مصر القديمة و تقول الموسوعة العالمية ما يلي: ((آمون، إله الشمس والريح والخصوبة؛ أحد الآلهة الرئيسيين في الميثولوجيا المصرية القديمة، ومعنى اسمه الخفي. من العسير معرفة كيف كان اسمه ينطق بالضبط لأن الكتابة المصرية القديمة الهيروغليفية كانت تستعمل الحروف الساكنة (الصوامت)، فكان اسمه يكتب أمن ومن الممكن أنه كان ينطق أَمِن مع إمالة الكسر إلى الفتح.))

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A2%D9%85%D9%88%D9%86

صورة لما يعتقد المصريون القدماء أنه الإله أمون
 أليست هذه اللفظة هي الأقرب إلى اللفظة (العالمية) الحالية: آمين.

و كون آمون "أمـِن" إله الشمس و نينوس "مينس" الأشوري البابلي دعا لعبادة الشمس، مع التشابه في الأسماء و كون أن كليهما ظهرا في حضارة متفوقة، ألا يدعو ذلك إلى الاستغراب و التساؤل.

ألا يجوز أن يكون نينوس الأشوري و مينوس الكريتي هما نفس الشخص، و خاصة أن كليهما يرمز له بالسمكة؟ و من ذلك نستنتج أن يكون الثلاثة هم نفس الشخص في أثواب مختلفة؟

((نينوس زوج سميراميس نصفه رجل ونصفه سمكة، و يعتقد انه نمرود التورات)) عن مجلة "الموروث".

http://www.iraqnla.org/fp/journal7/42.htm

و إذا نظرنا إلى العلاقة الوثيقة بين الماسونية و النمرود الذي يعتبرونه المؤسس الأول لحركتهم: ((هناك علاقة مباشرة بين الماسونية والديانة البابلية القديمة المحيرة، و التي تطورت منها الأديان الوثنية القديمة في مصر وبلاد فارس واليونان وروما في نهاية المطاف. كلها تعود إلى رجل اسمه نمرود والذي يعتبره الماسون المنشئ الحقيقي لنظامهم. وكان نمرود ملكا عظيما لبلاد ما بين النهرين و هو الذي أسس مدينة بابل، وأنشأ أول إمبراطورية كبيرة بعد طوفان نوح. كما انه ترتبط تقليديا ببرج بابل. وفقا للتقاليد، سعى نمرود لتحويل الناس بعيدا عن الله من خلال تشكيل حكومة طاغية، وإقامة دين جديد. في الواقع، فإن الدين الجديد يتمحور حول نمرود وسميراميس زوجته ظهرت منه في نهاية المطاف عبادة بعل، الذي نشأت منه جميع الديانات الوثنية في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا في وقت لاحق.

There is a direct connection between Freemasonry and the ancient Babylonian mystery religion from which the ancient pagan religions of Egypt, Persia, Greece and Rome eventually developed. It all goes back to a man named Nimrod who the Freemasons view as the true originator of their Order. Nimrod was a great Mesopotamian king who founded the city of Babylon and established the first great empire after Noah's flood. He is also traditionally associated with the Tower of Babel. According to tradition, Nimrod sought to turn men away from God by setting up a tyrannical government and setting up a new religion. In fact, the new religion centered around Nimrod and his wife Semiramis eventually evolved into Baal worship from which all the pagan religions of the Middle East and Europe later developed. ))

http://futurestorm.blogspot.com/2009/12/freemasonry-and-oath-of-nimrod-masonic.html

نقش أشوري يمثل النمرود

ألا يتبادر إلى الذهن أن هذا الشخص الذي يظهر و يختفي في أزمنة و حضارات مختلفة (كلها حضارات طاغية مستبدة) هو صاحبنا الشاب المعمر قايين أو قابيل أو حورس أو الأعور الدجال.

و من غيره يهوى تأليه نفسه من خلال بناء حضارات مستبدة تمكنه من التسلط على رقاب العباد، و من خلال إظهار قدرات قد تبدو غير طبيعية تفتن الناس و تدعوهم لتأليهه و عبادته من دون الله، خاصة إذا كان يستعين بالشياطين والسحر الأسود في ذلك.

ألا ترى معي أنه ربما يكون قد نجح في تسريب اسمه إلى الديانات السماوية الحديثة الثلاث، ليتم توجيه أي دعاء إليه من دون الله، و ذلك نوع من التأليه، و لو لفظيا.

ألا تستغرب أن كلمة آمين بهذا المعنى لم تذكر في القرآن و لا مرة واحدة، رغم أهميتها (إن كان لها أهمية فعلا)، و أن كلمة آمين بمعنى (استجب) كما يدعي البعض؛ ليست من العربية و لا تستقيم لغةً.

أتصور أن المصريين القدامى كانوا يصطفون وراء كاهن آمون الأعظم و بعد أن يرتل دعواته كانوا يرددون اسم إلههم المزعوم آمـِن.

و نحن نصطف اليوم في مساجدنا و بعد كل دعاء (ولو كان في الصلاة) نردد نفس الاسم "آمين"، علما بأن الآيات الأربعة الأخيرة في سورة الفاتحة هي دعاء.

أليس الأجدر أن نقول (يا الله)، و "الله" هو الاسم العلم المفرد لخالق الأكوان الأعظم، و ليس آمون أو آمين. أو ربما كان السكوت و التعلق بالله قلبيا هو الأفضل.

أخشى ما أخشاه أننا نوجه دعاءنا إلى الدجال الأكبر من دون الله، و عن غير علم، بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا.

و الله أعلم.