الأربعاء، ١٨ ربيع الأول ١٤٢٩ هـ

ما شكل الله - كلمات مهمة قبل أن نواصل



الدجال قادم لا محالة

و قد كان موجودا دائما، و إلا فلا معنى أن يحذر منه جميع الأنبياء أممهم و هم يعرفون يقينا أن سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم هو آخر الأنبياء.. لقد كان هناك و كان يفعل فعله ، و لكن خروجه الأكبر هو في آخر الزمان، و الجمعية تحضر له بكل قوة.
سيدعي النبوة ، و سيدعي الألوهية ، و هو ما أدخله عنوة في عقيدة المسيحيين و اليهود و بعض المسلمين
لقد تكلمنا بعجالة عن شكل المسيخ الدجال و لكن حتى نستطيع أن نفرق جيدا اسمحوا لي أن أتسائل؟


ما شكل الله؟
هل حقا الله يشبهنا؟ و من أي ناحية؟
هل له وجه؟ {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ }الرحمن27
هل له عيون؟ {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ } الطور48
هل له أيدِ؟ {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً }الفتح10
هل له ساق؟ {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ }القلم42
هل له مقعدة؟ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }طه5
ثم هناك أسئلة أخرى مثل ما حجم الله، وما المادة التي يتكون منها؟ و هل نستطيع رؤيته؟ (لو سمح لنا بذلك)؟ إلخ

حتى تتضح الصورة دعونا نتأمل قليلا في خلقه لعلنا نستطيع أن نعرف أو نستنتج أجوبة واضحة للأسئلة السابقة.. أو لبعضها على الأقل
لنتخيل أننا نركب سفينة فضائية سرعتها الابتدائية هي سرعة الضوء، يعني حوالي 300 ألف كيلومتر في الثانية
و لنتخيل أن بلوحة قيادة هذه السفينة زر أحمر كلما ضغطنا عليه تضاعفت سرعة السفينة 100 مرة
أربطوا الأحزمة.. 5 4 3 2 1 انطلاق



المجموعة الشمسية


لقد مضت دقيقة واحدة.. نحن الآن قرب القمر و يبدو لنا كوكب الأرض في الأفق نصفه تقريبا أسود (ليل) و الباقي ملون يغلب عليه اللون الأزرق مع ألوان أخرى قليلة كالأخضر و الأصفر و الأبيض
هل نضغط على الزر الأحمر؟؟ لا انتظروا قليلا
بعد ثمان دقائق نحن قرب الشمس .. يا إلهي ما أضخمها و ما أشد توهجها.. إنها أضخم من الأرض بملايين المرات الحمد لله أن المركبة ضد الحرارة و إلا لكانت ذابت و تبخرت
لن نخاطر كثيرا.. فلنضغط على الزر الأحمر
مرت دقيقتان .. نحن الآن خارج المجموعة الشمسية ، الشمس تبدو كأنها نقطة صغيرة و لكنها أشد توهجا من باقي النجوم .. لا بأس بضغطة أخرى على الزر الأحمر
إننا نبتعد .. مر أسبوع قبل أن نصل إلى أقرب شمس غير شمسنا إنه الظليم القريب – يبعد عن أرضنا حوالي 4 سنوات ضوئية
ضغطة أخرى.. مررنا بسرعة قرب بعض الشموس بعضها أكبر من شمسنا بكثير .. هناك الآلاف منها بل الملايين.. بل المليارات.. لا زلنا قرب حافة المجرة ((إن الشمس تقع في إحدى أذرع المجرة الحلزونية وتبعد عن المركز قرابة (30) ألف سنة ضوئية وهذه المجرة يمتد قطرها قرابة (100) ألف سنة ضوئية وسماكة القرص حوالى (15000) سنة ضوئية وتضم من 200 إلى 400 مليار نجم وتستغرق الشمس لتنجز دورة واحدة حول مركز المجرة حوالى (200) مليون سنة)) على فكرة مجرتنا ليس لها أي تميز عن باقي المجرات سوى أنها ببساطة مجرتنا


مجرتنا العزيزة - درب التبانة


لازلنا نرى شمسنا العزيزة كنجم من النجوم في الفضاء المظلم – و لكن لحظة – إنها تتحرك إلى مركز المجرة بالإضافة إلى حركتها الدائرية التابعة لدوران المجرة حول نفسها.. {لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }يس40، {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ }يس38
يا للعجب حركتي الشمس مذكورتان في القرآن
ضغطة أخرى على الزر الأحمر – ها قد خرجنا من نطاق مجرتنا نحو الأفق البعيد المظلم و ها هي تبدو لنا بأذرعها الحلزونية الجميلة كإخطبوط جبار من اللؤلؤ يدور حول نفسه و تبدو في البعيد مجرة أخرى يبدو أنها أقرب المجرات إلينا أنها مجرة (المرأة المسلسلة) أو اندروميدا Andromeda (تبعد عنا قرابة 202 مليون سنة ضوئية وهي أقرب المجرات إلينا.


مجرة المرأة المسلسلة أندروميدا - جارتنا



لنصل إليها لا بد من مضاعفة السرعة – ضغطة أخرى على الزر الأحمر
إننا نقترب .. و فجأة تدوي صفارة الإنذار، و ينطلق الصوت الآلي: الجميع إلى أماكنكم .. ثقب أسود صغير .. سننحرف درجة نجمية كاملة، نشعر ببعض الوهج و كأن المركبة تتحرك في اتجاه ما، رغما عنها أنظر من النافذة فلا أرى سوى الظلام (الثقب الأسود هو نجم منهار ذو حرارة و جاذبية عاليتين، يجذب كل ما يقع في مجاله و لا تسمح جاذبيته حتى بانطلاق الضوء) ، كنت دائما أستغرب من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (أوقد على النار ألف سنة حتى ابيضت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى احمرت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء كالليل المظلم) خرجه ابن ماجه والترمذي، و كنت أقول لنفسي أن هذا حديث لا يصح، فالنار لابد أن ينبعث منها ضوء، و لا يمكن أن تكون سوداء. و لكن هاهي أمامنا الآن.



سديم الوردة

{فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ }الرحمن37




مجرة M104

ضغطة أخر على الزر الأحمر - تتحرر المركبة في النهاية و نمر بسرعة بقرب مجرة المرأة المسلسلة ويتوالى مرور المجرات الجميلة و السدم النجمية من حولنا ثم نجد أنفسنا في الفراغ.. لقد غادرنا للتو مجموعتنا المجرية الصغرى.
يوجد مليارات المجموعات الصغرى متناثرة هنا و هناك هل هذا كل شيء؟ ضغطة أخرى على الزر ..ها قد غادرنا مجموعتنا المجرية العظمى و تبدو فيها المجموعات الصغرى منتظمة بشكل جميل، و لكن نلاحظ شيء غريبا.. المجموعات الصغرى على حافة المجموعة العظمى تتحرك نحو الخارج و كأنها تفر من شيء ما، بينما المجموعات الصغرى الداخلية تنجذب نحو المركز و كأن هناك قوة رهيبة تسحبها قسرا.. إنه وحش المجرات (عبارة عن مجرة مركزية ذات طاقة عالية و جاذبية كبيرة تسحب المجرات إلى داخله و تسحقها) و كأنه تجسيد عملي للآيتين {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ }الذاريات47 و {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ }الأنبياء104 .. ترى لو كانت يد مادية كالتي نعرفها فكيف يكون حجمها؟ و في تلك الحال هل يمكن رؤيتها؟ سبحان الله
ضغطة أخرى و ها نحن نرى المزيد من المجموعات المجرية العظمى .. المليارات منها .. و كل منها تبتعد عن الأخرى بسرعة رهيبة مرة أخرى وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ. صدق الله العظيم
عظيم بكل ما للكلمة من معنى .. حتى الآن نحن لا نرى حدود الكون و لكننا نرى أفق الكون فقط

سديم كارينا.. كم هو جميل!!


ليس هذا فقط ، بل هناك مجرات كاملة من مضاد المادة و لو لامست مركبتنا أحداها لتلاشت تماما .. و لو التقت مجرة من المادة مع مجرة من مضاد المادة لتلاشتا إلا قليلا.
ليس هذا فقط ، بل هناك أكوان عديدة تشغل نفس الحيز من الفراغ (منطبقة على بعضها البعض) ، و لكن في أبعاد ذبذبية أخرى multi-verse (يشرح David Deutsch هذه النظرية الحديثة في كتابه The Fabric of Reality)
{الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ }الملك3

ليس هذا فقط ، بل أن مجرتنا تحتوي على أكثر من مليون كوكب مأهول بحضارات عاقلة (حسب أقوال أشهر علماء الفلك) تواضع أيها الإنسان ، فلست مركز الكون
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً }الطلاق12 ،، لاحظ دائما أن الرقم 7 يعني عددا غير معرف
ليس هذا فقط ، بل أن الكون و المادة عموما تميل إلى التنظيم و تبتعد عن العشوائية و لو كانت الظروف معاكسة تماما لذلك
{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ }الأنبياء22

الخلاصة
إن كل ما يمكن أن تراه أو نسمعه أو نلمسه أو نتخيله هو مادة
و الله خلق المادة و أيضا مضاد المادة بل و حتى الفراغ.
فهو شيء أكبر و أقوى و أجل من ذلك كله.
و هو منزه بأن يكون شيء من خلقه.. و لا يقبل ذلك أي منطق سليم
فإذا قلنا بأن الله له وجه أو أيد أو عيون أو.. أو .. فإننا نرسم له صورة ذهنية معينة – عند أنفسنا أو عند الآخرين – شئنا أم أبينا.. يعني أننا نتخيل له شكلا و هيئة
و هو منزه عن الشكل و الهيئة .. لأنهما خلق من خلقه
و قد نص الله على ذلك صراحة {فَاطِرُ السَّمَاوݎاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الشورى11
و كل ما ورد من آيات في أول الموضوع هي من قبيل المجاز .. و هو معروف عند العرب – و غيرهم – قديما و حديثا
فعندما تطلب (يد فتاة)، فهذا يعني أنك تريد خطبتها و الزواج بها.. لا أن تقطع يدها و تسلم إليك لتعلقها على جدار حجرتك مثلا.
و عندما تقول فلان أصابته عين فهذا يعني أنه محسود، و لا يعني مطلقا بأن أحدهم اقتلع إحدى عينيه ثم رماه بها على وجهه أو قفاه
و عندما تقول لأحدهم (يا رجل نحن بيننا خبز و ملح) فلا أظنك تعني بأنكما جالسان و بينكما رغيف خبز و صحن به بعض الملح. بل بالتأكيد أنك تعني العشرة الطيبة القديمة.


و عودة إلى القرآن الكريم:
لو فسرنا الآية {وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً }الإسراء72 على حرفيتها، فقد ضاع الشيخ ابن باز و غيرة الملايين من مكفوفي المسلمين وصولا إلى عمرو بن أم مكثوم

صحيح أن الله على كل شيء قدير و لكنه منزه عن الأمور الغير إلهية
فهل رأيتم ملكا .. في أوج ملكه و عظمته .. يمسح الأحذية أو ينظف الحمامات مثلا !!
فإذا كان البشر ينزه نفسه عن التنازل عما يخل بمكانته (مع ضآلتها) فكيف بالعزيز المتكبر

إذا.. فإن كل ما يمكن أن نراه أو نسمعه أو نلمسه أو نتخيله هو ليس الله .. فاحذروا
و الأديان وجدت لتحرير الإنسان لا لتكبيله – تحريره من عبادة المخلوقات أو التذلل لها أو الخوف منها
و كل طاغوت يتمنى أن يعبده الناس و الله ضد الطواغيت – من النمرود و فرعون
إلى بوش و الدجال

و في الختام تذكروا
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ{1} اللَّهُ الصَّمَدُ{2} لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ{3} وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ{4}
صدق الله العظيم

المراجع:
القرآن الكريم
وليام كوفمان – الثقوب السوداء و الزمكان المنحني
إسحاق عظيموف – نسبية الضلال
محمد البكري – النسبية و قوى الطبيعة
ف. كيلي – عالم الفيزيائيين
عبد الله المعجل – البحث عن الحقيقة
هوبرت ريفز - الكون ترنيمة السماء



من فضلك ضع تعليقا قبل أن تغادر